[رأي] التضليل الإعلامي لقناة (الجزيرة)، الشواهد على ذلك، ولا بديل عن الإعلام الشعبي

[رأي] التضليل الإعلامي لقناة (الجزيرة)، الشواهد على ذلك، ولا بديل عن الإعلام الشعبي
___________________________________________

[مجرد رأي]

التضليل الإعلامي لقناة (الجزيرة)، بعض الشواهد على ذلك،
ولا بديل عن الإعلام الشعبي

في الموضوع التالي الذي هو مفاجئ للبعض: تسجيل للتضليل الإعلامي الذي تمارسه قناة الجزيرة ـ كأي قناة أخرى عامة أو خاصة ـ ، الذي قويت شواهده هذه الأيام، رغم حسناتها الكثيرة في الجزئيات والتفاصيل، لكن كثيرا ما تُستعمل الجزئيات والتفاصيل ـ ولو كانت حقا ـ لضرب وهدم الكليات والحقائق العظمى، ولا ننسى قول علي (رض): "حق يراد به باطل".
ـ ويمكن أن يطرح السؤال: وما البديل؟، وهل معنى هذا الكلام مقاطعتها؟
ـ المقصود الاستفادة من حسناتها الكثيرة، ولكن عدم الركون إليها أبدا، أو إسناد الظهر إليها، ولا داعي للثقة المفرطة في أي قناة رسمية كانت الجزيرة أو غيرها، وعلى الشعوب أن تثق في نفسها فقط، وتطور الإعلام الشعبي الذي بدأ ينشأ ويفرض نفسه، وتسجل التوثيق الحقيقي والحاضر للقيام بالشهادة، ورسم طريق الحق، كي يصنع ويكتب التاريخ.
ولأن دور الإعلام الشعبي بدأ يبرز ويفرض نفسه في الفترة الأخيرة، وتطور إلى أن أصبح عنصرا من المعادلة، كانت البارحة ندوة على قناة فرانس 24 بعنوان: الإعلام "الشعبي"، إعلام بديل؟، وممكن يتم رفعها على موقعهم الإلكتروني.
ـ إشكالية الموضوع ليس ذكر أو مناقشة حسنات قناة الجزيرة الكثيرة الذي نقر به،
وإنما هو نقطة واحدة فقط لا غير:
ـ وجود التضليل الإعلامي من عدمه، والشواهد على ذلك.

ـ بعض الشواهد على التضليل الإعلامي لقناة الجزيرة هذه الأيام:

1 ـ مجازر القذافي بدأت منذ اليوم الأول للمظاهرات (اليوم الفعلي للمظاهرات هو 2011/02/15 أي يومين قبل التاريخ المعلن والمتفق عليه)، ورغم نداءات واستغاثات الناس باتصالاتهم المتكررة من داخل ليبيا ومن خارجها أوروبا وأمريكا على قناة الجزيرة مباشر تتأخر الجزيرة في تغطيتها الخاصة إلى ليلة اليوم السابع.

2 ـ رغم دعوة الشعب الليبي الثائر قناة الجزيرة للدخول إلى ليبيا وتأمين دخولها، وهي القناة الأولى والوحيدة التي تدعى، تتثاقل في الدخول ولو إلى المناطق المحررة، ولم يظهر مراسلوها إلا يوم 2011/02/24، بعد أن دخلت مجموعة كبيرة من القنوات الغربية من جهة الشرق.

3 ـ البارحة الجمعة كان هناك نقل كبير من الجزيرة مباشرة من ميدان التحرير في القاهرة، لوقائع صلاة الجمعة والتظاهرات، وضل مستمرا طيلة اليوم، وعند انتهاء المظاهرات في ميدان التحرير، اعتصم آلاف الشباب هناك من أجل الإصرار على مطالب ثورتهم الشعبية، وبعد منتصف الليل جاءت اللحظة الحاسمة والمهمة من أجل التغطية والتوثيق، وهي الهجوم على المعتصمين لتفريقهم، فالتفتوا فوجدوا الجزيرة قد اختفت لا نقل مباشر ولا غير مباشر، واكتفى مدير مكتبها حكاية الواقعة، بصوته فقط، وكأنه مدير مكتب إذاعة صوتية.

4 ـ البارحة كانت هناك زيارة خاطفة لساركوزي إلى تركيا، لمدة خمس ساعات، والسياق يقول أنها زيارة مهمة جدا، لعدم وجود زيارة لأي مسئول فرنسي لتركيا منذ 1992 فيما أعتقد، وسوء العلاقات بين تركيا وفرنسا لمعارضة فرنسا انضمام تركيا إلى الاتحاد الأروبي، وغضب الشعب التركي من ذلك، وختم ساركوزي زيارته بمؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس عبد الله غل، نقلته وسائل إعلام قليلة كبعض القنوات الفرنسية والناطقة بالعربية منها، جاء فيه تصريح ساركوزي "على القذافي أن يرحل". أغفلت الجزيرة الصورة الكاملة لهذا الحدث كله، واكتفت بنقل خاطف لتصريحه فقط. (أكد الإعلامي الليبي "السنوسي بسيكري" الذي استقال من قناة الحوار لعدم جديتها في تغطية أحداث ليبيا، في تعليق له على قناة الجزيرة أن مثل هذا الموقف من ساركوزي يضعف معنويات القذافي)

5 ـ البارحة كان هناك تطور مهم للحركة الاحتجاجية في تونس أريد للجزيرة أن تغفله تماما، وهو تظاهر 50 ألف تونسي عند مقر الحكومة وأداء صلاة الجمعة هناك، والمطالبة بالتحول الديمقراطي الحقيقي، بإسقاط حكومة الغنوشي، وتشكيل مجلس تأسيسي، فبحت أصواتهم، ولم يجدوا الجزيرة بجنبهم لتغطية حقيقية للحدث، واكتفت بصور باهتة من بعيد جدا نقلتها في إحدى نوافذ الجزيرة مباشر، مع أن مكتب الجزيرة المغاربي يبعد عنهم بأمتار، وسجل المتظاهرون غضبهم من الجزيرة في نشرة الحصاد المغاربي البارحة.

6 ـ بعد طول انتظار أوفدت الجزيرة مراسلَيْن على الأقل إلى ليبيا من جهة الشرق وهما: أحد مراسليها في العراق(عبد العظيم محمد)، ومراسلها في بريطانيا (ناصر البدري)، مع أنهما هناك منذ ثلاثة أيام فلا يكاد يصل المشاهد عن طريقهما أي تغطية أحداث أو تقارير أو حقائق، فيما عدا دقائق معدودة عند محاورة عبد العظيم محمد لوزير العدل المستقيل، وتقرير وجيز جدا لناصر البدري من طبرق، فما هي مهمة مراسلي هذه القناة إن لم تكن "نقل الحدث لحظة بلحظة" كما يرددون دوما في شعاراتهم..؟!

7 ـ رغم دخول قناة الجزيرة ليبيا لا تزال صورة الشعب الثائر تنقلها باهتة، عن طريق الهاتف النقال أو ما يشبهه، وللعلم هناك هواتف نقالة تنقل صورا حية صافية وأفضل بكثير مما تنقله قناة الجزيرة صاحبة الأجهزة الضخمة للمشاهد هذه الأيام من ليبيا أو غيرها، فلا ينقل إلا ما يراد وعلى الكيفية التي يراد بها، بما يحفظ لجهات معينة التأثير على الرأي العام وتوجيه.

8 ـ أكاد أجزم جزما يصل إلى التحدي أن تكون هناك أي صورة أو فيديو من تصوير الجزيرة بكاميراتها الخاصة المحترفة تصور فيه حدثا فيه إدانة لأي نظام في البلدان التي قامت فيها ثورة كتونس أو مصر أو ليبيا، وهذا الكلام عام ليس خاصا بالأحداث المذكورة، فكل توثيق مصور يمكن أن يكون فيه إدانة فهو من العمل الشعبي كتصوير الهواتف النقالة وكاميرات الهواة، المرفوع على اليوتيوب أو غيره، أو المرفوع إليها مباشرة.

9 ـ رغم معارضتي الشديدة للطائفية، وأعتبرها صورة من صور الوثنية، فإن عدم تغطية أحداث البحرين، والصور العنيفة والدموية لفض الاعتصام صورة من صور التضليل المذكور.

10 ـ رغم وجود جهاز كامل وضخم للجزيرة من جهة غرب ليبيا، وهو مكتبها للمغرب العربي في تونس، فلا يريد من يسير هذه القناة أن تدخل ليبيا من الغرب لكي تسجل الأحداث في الجهة الغربية للبلاد، فتكون نقاطا تحسب للشعب على من ثار عليه، ويكتفي القائمون عليها بتسجيل موقف لها من خلال وقوف مراسليها على الحدود الليبية التونسية فقط، مع العلم أن قنوات غربية دخلت إلى مدن عدة هناك كمدينة الزاوية وغيرها. وإذا حصل ودخل مراسلوها فلننتظر نفس الحكاية كما حدث في الشرق، وإذا نقلت الصور فنفس الحكاية للطريقة أيضا...

الحاصل: إن السياسة الإعلامية العامة عند هذه القناة ـ وإن كانت لها خصوصية مؤثرة في العقل العربي والإسلامي تجعله منجذبا إليها ـ فهي لا تخرج عن سائر سياسات القنوات الإعلامية الأخرى في نقل الأحداث وذلك ليس في التوقيت الواجب وبالكيفية الواجبة، وإنما في التوقيت المراد وبالكيفية المرادة، التي تؤثر في الأحداث وتجعلها تمضي في اتجاه معين

وبالنسبة لرأيي فمن الخطأ الجسيم انتظار أي قناة رسمية: الجزيرة أو أي قناة إعلامية أخرى عامة كانت أو خاصة لتغطية أي أحداث أو وقائع وتوثيقها، لأن السبب بسيط وهو أنه لا توجد مثل هاته القناة إلا في الأحلام، وهذا ليس معناه عدم التعامل معها، لأنه هناك فرق بين أن تنتظرها كي تقوم هي بالواجب، وبين أن تقوم أنت بالواجب ولو بالتعامل معها، ولا بديل عن الإعلام الشعبي الذي يحرجهم فيضطرون مكرهين للإقرار بما ينقل وإعادة نقله في أحسن الأحوال (وأعدوا لهم...).
...
(يتبع)